عرب بت – يضم الطابق الأسفل من أبراج الإمارات في دبي مؤسسة المستقبل الحكومية التي تستقطب الشركات المبتكرة من جميع أنحاء العالم من أجل برنامج مسرّع بقيمة 300 مليون دولار في المدينة. وفي الصيف الماضي، كان هناك شركة تبدو مثل كشك الهاتف. وبجانب تلك، كان هناك شركة تسمى “ConSensys” والتي لم يكن يبدو أنها مستقبلية، وإنما كانت تبدو أنها مجموعة من مطوري البرامج يعملون على أجهزة الكمبيوتر الخاصة بهم. ولكن شركة ConSensys الآن – وهي شركة برمجيات بلوكشين مقرها نيويورك – هي واحدة من الشركات التي استفادت من دبي للمساعدة في بناء واحدة من أقوى التقنيات الجديدة في العالم وهي البلوكشين. وفي ظل المنافسة الشديدة من المدن الأخرى، تحولت دبي إلى مركز لتطوير البلوكشين. حيث يقول “ريد هوفمان” مؤسس LinkedIn، إن التغير الذي سيحدث بعد ظهور تكنولوجيا البلوكشين سيكون بمثابة تغير الأرض بعد ظهور الإنترنت، كما أنها ستغير الطريقة التي يتعامل بها الناس مع بعضهم البعض.
ومن بين بنات الأفكار صاحب السمو الشيخ “حمدان بن محمد آل مكتوم” ولي عهد دبي، الذي يرغب في أن تكون جميع الوثائق الحكومية – مثل طلبات الحصول على التأشيرة ودفع الفواتير وتجديد التراخيص- بشكل رقمي ليتم التعامل معها رقميًا باستخدام البلوكشين بحلول عام 2020. ونتيجة لذلك، فإن الشركات الكبرى والناشئة بدأت تتكيف بسرعة معها وتتحول لاستيعاب الحكومة، أو الانتقال للإقامة في دبي. فضلًا عن أن هذه التكنولوجيا تجذب المشاركة من الشركات بما في ذلك “IBM”، و”Cisco “، و”SAP”، والكثير أيضًا من الذين يشكلون جزءً من مجلس البلوكشين العالمي أو يعملون على تطبيقات البلوكشين في دبي. فمدينة دبي هي بالفعل موطن لمنصة تداول للبيتكوين “BitOasis”، وغيرها من الشركات الناشئة المتخصصة بتكنولوجيا البلوكشين الآخذة في الظهور. كما تعزز دبي مكانتها كتقاطع لطرق التجارة العالمية، فضلًا عن أن الإنفاق الحكومي فيها على الابتكار بشكل عام يصل إلى 4 مليارات دولار أمريكي مما يجعلها في مكانة قيادية. فقد قالت “ماري وايك” المديرة العامة لشركة البلوكشين “IBM” والتي تقود فريقًا من 1500 شخص حول العالم يركزون على هذه التكنولوجيا:
“لقد راهنت دبي على موقعها في التجارة، باعتبارها مفترق طرق عالمي. فقد أُقيم في الإمارة في أكتوبر حدث البلوكشين الذي حضره مئات من الناس الذين يعملون على تطبيقات البلوكشين. واستنادًا إلى اقتصادهم، فإنه من الطبيعي أنهم سوف يراهنون على البلوكشين”.
التحوّل في إمارة دبي
إن البلوكشين هي الشبكة التي تجمع بين دفتر الحسابات مع الشيء الرقمي الذي يجري التعامل معه، بشكل دائم وبطريقة لا يمكن تغييرها. ففي عالم الورق، تكون المعلومات المدخلة إلى دفتر الحسابات منفصلة عن المعاملة. ولكن في البلوكشين، فإن العنصر الرقمي الذي يتم التعامل معه مثل وحدة إلكترونية من العملة أو نسخة إلكترونية من سند، يحتوي على دفتر حسابات المعاملات الخاص به. حيث كان أول تطبيق للبلوكشين، في تطوير العملات الرقمية مثل البيتكوين. كما إن هناك ما يسمى بعمليات دعم العملات الأولية “ICO”، والتي تسمح للمستثمرين بالرهان على العملات الرقمية. ويجري الكثير من هذه العمليات في زيوريخ وأماكن أخرى دون قوانين حماية صارمة للمستثمرين. مما أدى إلى انفجار العملات الرقمية وحدوث تقلبات كبيرة في أسعارها.
ومن ناحية أخرى، فإن الثورة الأكبر هي الثورة التي تجري خارج العناوين الرئيسية، في مجال تطوير تطبيقات جديدة أخرى لتكنولوجيا البلوكشين. ففي جميع أنحاء العالم، يبدو أن البلوكشين ستقوم بتدمير الملايين من فرص العمل في حفظ السجلات والمعاملات، الموجودة في البنوك. كما أن شكل البدائل التي ستأخذ مكان تلك الوظائف، هو مسألة مفتوحة – ودبي تريد أن تتخلص بقدر المستطاع منها. حيث قال “نوح رافورد” مدير العمليات في مؤسسة المستقبل: “في حين أن العديد من الحكومات الأخرى تقوم بكتابة أوراق بيضاء وإجراء اختبارات صغيرة، تقوم حكومة دبي بالفعل بتطوير خدمات رئيسية في وزاراتها”. كما إن البلوكشين ليست الجبهة الوحيدة في الحرب الاقتصادية في دبي، والتي تسعى من خلالها لقيادة الابتكار في الاقتصاد العالمي. فعلى سبيل المثال، عينت الإمارة مؤخرًا وزيرًا للذكاء الاصطناعي. وقالت مؤسسة المستقبل في دبي، أن لديها 300 مليون دولار للاستثمار في شركات مبتكرة، الذين يقومون بعد وصولهم إلى دبي بفترة قصيرة، باتخاذ مساحة خاصة بهم في أسفل أبراج الإمارات تاركين أحد أفرعهم فيها.
إشعال المنافسة العالمية
يبدو أن المدن الأخرى والبلدان الصغيرة آخذة في الظهور في هذا المجال أيضًا. لندن، على سبيل المثال، تشتهر بالفعل بكونها مركزًا للتكنولوجيا المالية. كما أعلنت استونيا، أن الإنترنت حق أساسي من حقوق الإنسان في عام 2000، بالإضافة إلى كونها رائدة في تطبيقات البلوكشين. في حين قال المستثمر العالمي “كريستوفر م. شرودر”: “عندما ترحب الحكومات بالتكنولوجيات الجديدة، فإنها تشير أيضًا إلى النظم الإيكولوجية المتزايدة لريادة الأعمال. وهنا المكان الذي نرحب بالابتكار فيه“. وأضاف أنه على الرغم من أنه سيحدث تحوّل في الوظائف القديمة بسبب البلوكشين، إلا أن العديد من المهارات في العالم القديم هي تمامًا كما هو مخطط لها في العالم الجديد.
دبي عند مفترق الطرق
تبرز مدينة دبي لسببين: اتساع نطاق التطبيقات التي قد تتطور في المراكز التجارية العالمية، واهتمام الحكومة. حيث تملك مدينة دبي أكثر المطارات ازدحامًا في العالم، وهي بوابة للأسواق المتنامية في جنوب شرق آسيا وأفريقيا. فقد قال “براندون بولاك”، المؤسس المشارك ورئيس الشؤون العالمية، عندما قررت D.C الواقعة في العاصمة واشنطن أن تستضيف مسابقة الشركات الناشئة في تكنولوجيا البلوكشين، فعلت ذلك في فرعها الواقع في دبي. في حين أشارت وايك إلى بعض المجالات التي قد حان الابتكار فيها، بما في ذلك المدفوعات والتحويلات الدولية، والمتطلبات التجارية والتأشيرات. ولكن التطبيقات أوسع بكثير، على سبيل المثال، فإن تكنولوجيا البلوكشين يمكن أن تدخل في أنظمة تتبع الغذاء، والذي من شأنه أن يُحدث ثورة في أنظمة سلامة الأغذية. في حين تقوم الشركات من شركة IBM إلى طيران الإمارات إلى شركة كريم، بإطلاق تجارب البلوكشين في دبي. فقد قامت كل من IBM و ConSensys ببناء تطبيقات تعتمد على بلوكشين الاثيريوم، وكلاهما تم تعيينهما مستشارين لجهود الحكومة.
حصة النساء في هذا المجال
وفقًا لما ذكرته وايك، فإن إحدى أكبر المفاجآت في تكنولوجيا البلوكشين عالميًا وخاصة في دبي هو وجود النساء في هذا المجال. حيث إن لدى للنساء تاريخ طويل في مجال التكنولوجيا – وقالت انها تعمل في مجلس إدارة معهد أنيتا بورغ، على سبيل المثال، وأضافت أنها وغيرها قد بدأوا بملاحظة وجود عدد متزايد من النساء تتحرك في مجال تطوير البلوكشين. وتعتقد أن المرأة ترى إمكانية التقدم في البلوكشين. حيث تُعرف دبي بالفعل بدفع المرأة إلى مناصب السلطة في الحكومة، فقد عينت الإمارات سبع نساء في مجلس وزارتها في عام 2016، على سبيل المثال، وهناك عشرات من النساء البارزات من رجال الأعمال، بمن فيهن مؤسسة BitOasis. ثم قالت وايك: “لقد فوجئت وكنت مسرورة جدًا بهذا”.
______
المصدر : CNBC
Comments are closed.