عرب بت – تشهد غالبية العملات الرقمية انخفاضًا كبيرًا في قيمها، باستثناء عدد قليل جدًا من العملات. وبسبب هذا السقوط يبدو أن مجتمع العملات الرقمية يشعر بسوء كبير حيال هذا، ولكن هل الأمر بهذا السوء فعلًا؟ أم أن هناك بعض الأمور الإيجابية نتيجة السقوط الذي شهدته العملات في الشهر الأول من سنة 2018؟
فوفقًا لـ CoinMarketCap, فقد تمكنت خمسة فقط من بين أكبر 100 عملة رقمية من حيث القيمة السوقية من تجنب الهبوط في القيمة على مدى الـ 24 ساعة الماضية. كما إن الضرر لم يقتصر على العملات الرقمية البديلة، حيث سجلت أكبر عشر عملات انخفاضات في قيمها أيضًا. وتمثل ذلك بانخفاض البيتكوين إلى أدنى مستوى لها خلال الستة أسابيع، حيث سجل موقع CoinMarketCap القيمة السوقية للبيتكوين بعد الانخفاض والتي بلغت نصف ما كانت عليه قبل شهر من الآن. فلم نرى قيمة 250 مليار دولار في السوق منذ يوم الاثنين.
أما بالنسبة للعوامل التي ساهمت في هذا الانخفاض فهي عديدة، ومن أهمها: استمرار عدم اليقين بشأن المستقبل التنظيمي للعملة الرقمية في كوريا، والتي تمثل أسواقها ما نسبته 12٪ من أحجام التداول العالمية. كما يشكل التشديد في فرض اللوائح التنظيمية الصينية على العملات الرقمية وعمليات دعم العملات الرقمية والتعدين، مخاطر محتملة على قابلية السوق للاستمرار.
فبالرغم من انخفاض حجم التداول التي تساهم فيه الصين بنسبة 10%، إلا أنه كان يلعب دورًا مهمًا جدًا في تطوير العملات الرقمية. بالإضافة إلى أن هناك مخاوف متزايدة من المزيد من التنظيم في هذه الصناعة، فقد اقترح وزير المالية الفرنسي “برونو لو مير” مناقشة قضية عملة البيتكوين في اجتماع مجموعة العشرين في شهر أبريل القادم ووافقه نظرائه الألمان والإيطاليين على ذلك. ففي يوم أمس، أعلن وزير المالية تشكيل فرقة عمل لوضع اللوائح التنظيمية بشأن العملات الرقمية وعلى رأسها عملة البيتكوين التي تلقى تشككًا كبيرًا.
وقد تفاقم الهبوط في قيم العملات بعد الارتفاع الكبير في القيم السوقية للعملات الرقمية البديلة خلال الأشهر الأخيرة. حيث أدت هذه المكاسب الكبيرة إلى التنبؤ بمستقبل مزعج لكثير من العملات الرقمية الصغيرة التي قد لا تقدم أي قيمة جديدة بالفعل كما تفعل العملات الأكثر استقرارًا.
الجانب المشرق
في ظل الانخفاض الشديد في سوق العملات الرقمية والخوف الذي يغزو قلوب المستثمرين، هل يمكن أن نوجه أنظارنا إلى الجانب المشرق من الأمر؟ فمثل هذه الحركات في أسعار السوق قد تكون صحية جدًا للأسواق، وذلك لتجنب تشكيل فقاعات قصيرة الأجل، على الرغم من أنه يمكن القول بأن الفقاعة قد تشكلت بالفعل. ومن المهم أيضًا أن نتذكر أن سوق العملات الرقمية شهد تصحيحات كبيرة للأسعار في الماضي واستعاد نشاطه بعدها مرة أخرى.
فبالنظر إلى الجانب المشرق لهذه التصحيحات، نجد أنها مهمة لإعطاء المستثمرين بعض الوقت لإعادة تقييم استراتيجياتهم. فهناك حكمة تنتشر بين المستثمرين تقول بأن
: “الارتفاع في الأسواق، يولد بسبب التشاؤم، ويكبر بسبب التشكيك، وينضج مع التفاؤل، ولكنه يموت بسبب النشاط المفرط”
. فقد شهدت العديد من العملات الرقمية والمستثمرين في عمليات دعم العملة الأولية نشاطًا مفرطًا خلال الأشهر القليلة الماضية. في حين أصبح سوق تكنولوجيا البلوكشين مزدحمًا بالمزيد من القادمين الجدد للسوق الذين يعتمدون أوراقًا مشكوك فيها، ومشاريع دون فوائد كبيرة أو حالات استخدام غير مهمة، فضلًا عن القيمة الجوهرية القليلة. مما تسبب بإدخال العديد من الأوراق البيضاء السيئة والضعيفة إلى هذا المجال.
وفي الآونة الأخيرة في ديسمبر، تجاوزت القيمة السوقية لسوق العملات الرقمية 500 مليار دولار، مما دفع مؤسس الاثيريوم “فيتاليك بوتيرين” التساؤل فيما لو كنا نملك هذه القيمة بالفعل أم لا. بينما سيؤدي هذا الأمر من ناحية أخرى إلى إجبار مطوري العملات الرقمية على التركيز على خلق قيمة وفائدة أكبر لعملاتهم والتي ستكون في نهاية المطاف مفيدة لعامة المستخدمين. وهذا من شأنه أن يبعد المتداولين عن الاعتماد على المضاربة في السوق وخاصة في العملات الرقمية البديلة.
وعلاوة على ذلك، فإن الانخفاض في السوق يكون بالنسبة لبعض المستثمرين مجرد فرصة جديدة لشراء بعض العملات الرقمية بأسعار منخفضة. أما بالنسبة للمستثمرين الجدد، فإن أول تصحيح كبير للأسعار سيسبب لهم خسائر كبيرة مما يولد الخوف في قلوبهم، وبالتالي ينتهي بهم الأمر في النهاية إلى بيع ما يملكون بخسائر فادحة. ولكن هذا يعمل بدوره على جعلهم أكثر نضجًا في المرات القادمة، بالإضافة إلى معرفة أهم الطرق وأنجحها للاستمرار في مجال العملات الرقمية.
وأخيرًا، فإنه بالرغم الفوائد التي تملكها عمليات التصحيح التي تواجهها الأسعار في السوق للمستثمرين والسوق ككل، فإنه عادة ما يكون من الصعب تصديق هذا والاستمتاع بهذه المرحلة واستغلال الفوائد الناجمة عنها.
Comments are closed.