عرب بت – يتم تعريف البلوكشين بأنها؛ دفتر رقمي لامركزي، يسجل فيه جميع معاملات عملات رقمية معينة. حيث يسجل البلوكشين كل المعاملات الرقمية وتبادل السلع والخدمات والقيمة أو البيانات الخاصة، بالضبط كما حدثت. ولجعل الموضوع أبسط، تخيل جدول بيانات عالمي يعمل على الملايين من أجهزة الكمبيوتر. بحيث يمكن للجميع رؤية جميع المعاملات التي يتم إجراؤها، لأنه نظام الند للند، دون أي وسيط.
فمن هم المستفيدون الرئيسيون من هذه التكنولوجيا؟ إنهم البنوك الكبيرة وعمالقة التكنولوجيا. وهذا ليس مفاجئاً لأننا نعلم جميعاً أن الشركات الكبيرة تدفع الابتكار. وبحلول عام 2022، من المتوقع (من قبل الأسواق وباحثيها)، أن سوق المنتجات والخدمات ذات الصلة بتكنولوجيا البلوكشين ستصل قيمتها إلى 7.7 مليار دولار، بزيادة قدرها 242 مليون دولار عن توقعات العام الماضي. وتساعد هذه الأرقام على خلق حياة جديدة للشركات القديمة مثل “IBM”. ومن خلال اعتماد البلوكشين كخدمة (BaaS)، تستثمرعملاقة التكنولوجيا في أنظمة المشاريع التي تحسن البنية التحتية السحابية. فقد ساعد إطلاق هذه الخدمة في شباط / فبراير 2016، على خلق فرص لشركة “IBM” للانتقال إلى الخدمات السحابية واستخدامها لبناء شبكة بلوكشين مخصصة لعملائها.
ففي البداية، تسببت البلوكشين في ضجة، وخاصة في قطاع التكنولوجيا، لكنها تشعبت الآن إلى قطاعات أخرى. حيث يزداد عدد الصناعات التي تختبر هذه التكنولوجيا من أجل تشغيل نظام أكثر كفاءة وشفافية وأماناً، ناهيك عما تبقى من تيار تنافسي. وسنعرض هنا، كيف تستخدم ثلاث صناعات رئيسية الآن تكنولوجيا البلوكشين:
الرعاية الصحية
في عام 2014، كان قانون التعافي وإعادة الاستثمار الأمريكي يتطلب من جميع المتخصصين في الرعاية الصحية العامة والخاصة وغيرهم من الأشخاص المؤهلين اعتماد (أو على الأقل إثبات) “الاستخدام الهادف” للسجلات الطبية الإلكترونية (EMR). كما قال قانون الرعاية “Obamacare” أيضاً، أن الأطباء والمستشفيات اللازمة لتنفيذ السجلات الصحية الإلكترونية (EHRs)، قدمت 28 مليار دولار من أموال التحفيز الاتحادية لتنفيذ هذه التغييرات. وعلى الرغم من هذه الجهود، لم يظهر بروتوكول واضح بشأن تقاسم تلك البيانات عبر مقدمي الخدمات.
وهذا يعني أن هناك الكثير من الفرص المتاحة لتعطيل النظام ليس فقط في السجلات الطبية، وإنما في سلاسل التوريد، والعقود الذكية لتوزيع الدفع وأكثر من ذلك. على سبيل المثال: تهدف “MedRec” وهي مبادرة مدعومة من معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا، إلى أن تكون تاريخ عائلي رقمي من السجلات الطبية، يستخدم البلوكشين لخلق تاريخ طبي وعائلي للمرضى الذين يملكون أمراضاً تنتقل من جيل إلى جيل. وتم تنفيذ “MedRec” باستخدام بلوكشين الإثيريوم الذي يستخدم العقود الذكية لهذه التكنولوجيا لتنفيذ البرامج النصية على البلوكشين. فالعقود الذكية هي طرق “خالية من الصراع” لتبادل الأموال والممتلكات والأسهم أو أي شيء من القيمة عن طريق البلوكشين. وتحدد هذه العقود القواعد والعقوبات الخاصة بكل اتفاق، وتنفذ الالتزامات تلقائياً. ومع ذلك، وفي هذه الحقبة من الاحتيال المتفشي وسرقة الهوية، ما حجم أمان هذا النظام؟
في البداية، “MedRec” لا يخزن المعلومات بناءاً على الطرق التي نعرفها. فبدلاً من ذلك، يتم تشفير البيانات الوصفية مع السماح للسجلات بالوصول إليها بشكل آمن من قبل المرضى عبر مقدمي الخدمات. حيث تحمي البيانات الوصفية سلامة البيانات المطلوبة. ولا تزال هذه العملية في مهدها، ولكن الحكومة الاتحادية تتخذ الملاحظات بشأنها. في أيلول/ سبتمبر 2016، أعلنت وزارة الصحة والخدمات الإنسانية (HHS) الفائزين في حملتها “HHS Blockchain Challenge” التي تتألف من الأوراق الأكاديمية المقدمة عن استخدام البلوكشين المتعلقة بتكنولوجيا المعلومات الصحية والبحوث المتعلقة بالصحة.
وبالتأكيد فإن الرعاية الصحية هي صناعة معقدة للغاية، بأكثر من طريقة. ولكنها ناضجة ومليئة بفرص التعطيل. وقد تكون البلوكشين وسيلة أنيقة لتجديد وتبسيط هذه الصناعة ككل.
الموسيقى
في التسعينيات وأوائل الألفين، اجتاح تدفق الموسيقى “Streaming” الصناعة كالعاصفة. حيث كان المستخدمون قادرون على تحميل أي أغنية يريدونها دون دفع أي سنت. فتصدت صناعة الموسيقى لهذا التدفق غير القانوني، ولكنها عانت مادياً على طول الطريق، مما ترك الفنانين، والعلامات التجارية والأشخاص الآخرون يشعرون بالغضب بالإضافة لتلقيهم مبالغ غير كافية. ففي هذه المرحلة، جاءت إموجين هيب، وهي كاتبة أغاني وموسيقية بريطانية ومؤسسة Myceria مجموعة من المبدعين والمهنيين ومحبي الموسيقى. حيث تتمثل مهمة الفريق في “تمكين نظام بيئي موسيقي عادل ومستدام وحيوي يشمل جميع خدمات التفاعل الموسيقي عبر الإنترنت”.
كما خلقت منصة “Myceria” القائمة على البلوكشين، وسيلة للموسيقيين لدفع العقود الذكية لتقاسم موسيقى التجارة الحرة، وضمان أن الأرباح تعود إلى الفنانين. وتسمح هذه العقود للفنانين بالبيع مباشرة للمستهلكين دون الحاجة إلى بطاقات التعريف أو المحامين أو المحاسبين؛ ويتم دفع الأتاوات تلقائياً. وإحدى الشركات الأخرى هي “SingularDTV” وهي استوديو الترفيه قائم على البلوكشين، والتي تتطلع إلى إرساء الأساس لصناعة الترفيه اللامركزية. ومن خلال تطوير تطبيق نظام إيكولوجي ترفيهي على شبكة الإثيريوم، يأمل الاستوديو من تمكين الفنانين والمساعدة في إعادة كتابة قواعد الموسيقى والصناعات الإبداعية في الولايات المتحدة.
وقد كان فنان الهيب هوب والموسيقى الإلكترونية غراماتيك، أول موسيقي قام بالتوقيع على برنامج “Tokenization”. حيث يقول غراماتيك، أن امتلاك نظاما كهذا يمكّن الفنانين من إنشاء الموسيقى بشروطهم الخاصة، دون البيروقراطية وهو ما جعله يقرر الانضمام إلى هذا المنبر.
الموارد البشرية
يقضي أخصائيو الموارد البشرية قدراً كبيراً من الوقت في التحقق من هوية الموظفين المحتملين وخلفياتهم وتاريخهم الوظيفي. ووفقاً لرسم بياني، يقضي أخصائيو الموارد البشرية معظم وقتهم في أداء ثلاث مهام: الاجتماعات مع كبار الموظفين وشركاء الأعمال (22%)، والعلاقات مع الموظفين والمشاركة (15%) والاجتماعات مع الموظفين (14%).
حيث تستغرق هذه الجهود وقتاً أطول من المهام ذات الأولوية المنخفضة، مثل استيعاب الموظفين الجدد وتنفيذ إدارة شؤون الموظفين؛ وهي سبب واحد فقط يمكن البلوكشين من أن تساعد في إحداث ثورة في عالم الموسيقى. ويمكن أن تساعد أيضاً بتبسيط كشوف المرتبات وإصدار الشهادات وإدارة العمليات الرقمية. ومع استمرار الشركات في التوسع على الصعيد العالمي، وجدوا أنه من المكلف أكثر إرسال كشوف المرتبات عبر الحدود. كما أن دفع رواتب الموظفين في الخارج قد يستغرق وقتاً أطول، وذلك بسبب أطراف ثالثة وبنوك ذات مجموعات مختلفة من القواعد. لذا فإن ما تستطيع أن تفعله البلوكشين هو تبسيط العملية والقضاء على الوسطاء، مما يجعل الاستثمار في التكنولوجيا جذاباً.
وبالنظر عل سبيل المثال إلى شركة “Bitwage” التي مقرها سان فرانسيسكو. تعمل “Bitwage” على نظام الرواتب القائم على البلوكشين لتسهيل المدفوعات عبر الحدود باستخدام البيتكوين. وهذا يسمح للشركة بدفع رواتب الموظفين والمقاولين وحتى البائعين في جميع أنحاء العالم بعملاتهم المفضلة. ففي الواقع، يمكن للبلوكشين التعامل مع التحويل المطلوب من البيتكوين إلى أي عملة محلية أخرى. وأخيراً، فإن الموارد البشرية ومديري التوظيف يقضون الكثير من الوقت في التحقق من معلومات المرشحين المحتملين من تاريخ العمل إلى المراجع، إلى فحص الخلفية. فقد أظهر استطلاع أجرته شركة “Careerbuilder” أن 58% من أرباب العمل الذين شملهم الاستطلاع قد وجدوا كذبة معينة في بعض السير الذاتية. وأظهر تقرير آخر أعدته شركة “HireRight” أن 86% من أصحاب العمل الذين شملهم الاستطلاع قد كشفوا عن أكاذيب أو تحريفات في السير الذاتية الخاصة بالمرشحين.
وفي المقابل، فإن استخدام تقنية البلوكشين سيزيد من الشفافية وتسهيل اكتشاف الاحتيال في أوراق اعتماد الموظف. لذلك، كن مستعداً، مهما كانت الصناعة الخاصة بك، من المرجح أن يكون لتقنية البلوكشين دوراً للعب فيها. وتعلّم بقدر ما تستطيع عن هذه التكنولوجيا، وتقبل تغييراتها وتعلم اللعب مع اللاعبين الكبار حتى لو لم تكن أنت نفسك لاعباً كبيراً.
Comments are closed.